uploads/posts/1673468202money-g555e8b7c2_1920.jpg

2023-01-11 07:22:07

اليورو وأوروبا: ركود وتضخم

بتوقعات متشائمة لإقتصادها، تدخل أوروبا سنة 2023 بعد أن أجبرتها واشنطن على اللحاق بسياساتها العشوائية والعدائية تجاه روسيا والتي ترجمت مخاوف، إنهيارات وتصريحات حول الإقتصاد الأوروبي ككل وحتى مظاهرات خرجت من مناطق عديدة داخل الكيان الأوروبي.

أما التحذيرات فتتكرر على كافة المستويات وآخرها ما صرح به نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي من أن منطقة اليورو تواجه وضعاً إقتصادياً صعباً للغاية من حيث معدلات التضخم المرتفعة، ما يؤدي إلى هجرة ملحوظة للمصانع والصناعات الأوروبية، وأيضاً الخلافات مع الحليف الأساسي (واشنطن) حول كل ما يجري على حساب أمن ورفاهية الشعب الأوروبي، ما يؤكد بأن أوروبا قد دمرت بشكل ممنهج الإقتصاد الأوروبي، التي تعاني من تراجع كبير بمستوى العيش فيها. 

 فأوروبا تواجه ركود طويل الأمد ومعدلات تضخم مرتفعة تتزامن مع التباطؤ الإقتصادي، ناهيك عن تداعيات أزمة الطاقة وقرارات البنك الأوروبي برفع معدلات الفائدة 4 مرات خلال سنة 2022             (2.50% ←€) في محاولات يائسة للسيطرة على التضخم.

ومن جهته، حذر المفوض الإقتصادي للإتحاد الأوروبي أواخر العام الفائت من أن أشهراً صعبة هي في إنتظار دول التكتل نتيجة للهزات الإقتصادية المتتالية ومنها إرتفاع تكاليف الطاقة (81.00 دولار لبرميل النفط و7.10 دولارات للغاز الطبيعي) مع إنخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين.

2022- 2023

تشير الأرقام بأن سنة 2023 ستكون إمتداد لعام 2022 إن من ناحية الإنكماش في النشاط الإقتصادي وإستمرارية لا بل زيادة في الركود مع توقعات نمو إجمالي الناتج الداخلي GDP)) 0.3% خلال هذا العام. ويتوقع الخبراء بأن أداء ألمانيا سيكون الأسوأ على مستوى التكتل حيث يرجح أن تسجل إنكماشاً نسبته 0.6%. أما معدل التضخم يتوقع أن يسجل 8.5%.

يذكر بأن في النصف الثاني من سنة 2022 هبط سعر صرف اليورو مقابل الدولار إلى أدنى مستوياته خلال عقدين في مواجهة الدولار الأميركي نتيجة البيانات الإقتصادية الضعيفة حيث بلغ مستوى 0.9535، مما أدى إلى تراجع حاد للأسهم الأوروبية من جراء مواصلة الإحتياطي الفيدرالي في سياسة رفع الفوائد لمكافحة التضخم.

 

لماذا يغرق اليورو؟

لابد من تسليط الأضواء على مستقبل اليورو وتداعياته على الإقتصاد الأوروبي مخلفاً بذلك إنعكاسات على أصعدة عدة كالتضخم والقدرة الشرائية للأفراد والشركات، كما النمو والديون، تزامناً مع إرتفاع للتكاليف بشكل حاد بالنسبة للشركات التي تعتمد على المواد الخام والطاقة.

هذا الإنحدار لليورو هو نتيجة مخاوف سابقة عمرها حوالي 3 سنوات من ركود وإنكماش تجاري. ومن أبرز العوامل أيضاً كون أوروبا الأكثر معاناة من الحرب في أوكرانيا.  

أما الرابح الأكبر من إنخفاض اليورو هي الصناعة التحيلية التي تصدر منتجاتها إلى الخارج، كصناعة الطائرات والسيارات وغيرها من السلع الفاخرة.

ومن جهة البنك المركزي، قد يؤدي هذا الإنخفاض مع تسارع التضخم إلى تحفيز الأخير برفع أسعار الفائدة وهذا ما قام به سنة 2022 في سابقة منذ أحد عشر عاماً، ومن المتوقع ان يستمر على هذه الوتيرة خلال هذا العام. وهو أيضاً يحاول التخفيف من آلية التباطوء ويهدف إلى زيادة تكاليف الإقتراض لأول مرة منذ العام 2011، وفي المقابل يقوم البنك الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة بشكل أسرع، ما يجعل الودائع على سندات الخزينة الأميركية Treasury Bonds أعلى من عوائد ديون أوروبا، مما يدفع المستثمرين التوجه حكماً إلى الدولار الأميركي كملاذ آمن والإبتعاد عن اليورو.  

اليورو إلى أين؟

مع إستمرار الحرب وهي طويلة الأجل، ما يؤدي إلى إنزلاق اليورو أكثر متوجهاً نحو مستوى 0.8450 على المدى المتوسط والبعيد – أما الخطوات البناءة لتغيير المسار التنازلي لليورو هو بتضييق فارق أسعار الفائدة مع أسواق السندات العالمية الأخرى. إذ زاد البنك الفيدرالي أسعار الفائدة على الدولار حيث بلغت %4.50، بينما ما زالت الفائدة على اليورو %2.50 حتى كتابة هذه السطور.

وهنا يحذر الخبراء من موجة ركود مطولة تحمل في طياتها إنحدار كبير في النشاط الإقتصادي، إنخفاض في الإنتاج الصناعي، المبيعات، تراجع في قيمة الأجور، زيادة مؤشرات البطالة – وقد بان كل ذلك عبر الأرقام الضعيفة للناتج المحلي الإجمالي GDP لدول الإتحاد، ما أدى إلى إرتفاع أكثر في أسعار المنتجات،  المواد الأولية والطاقة.

ومع إستمرار التضخم لفترة طويلة تصبح تكلفة المنتجات أكثر من القدرة المالية للمستهلكين عندها يشترون بكميات أقل فيتراجع الطلب على المنتجات ما يدفع الشركات والمصانع بتخفيض الإنتاج فتضطر مجبرة إلى تسريح العديد من الموظفين ونشهد إرتفاع في أرقام البطالة ويسيطر شبح الركود، وإنهيار مستمر  في أسواق المال الأوروبية كمؤشر ال DAX الألماني وال CAC40 الفرنسي وغيرها، بالإضافة إلى عوامل إنهيار الثقة في الإستثمار والإقتصاد من قبل كبار المستثمرين والمتداولين.

فما قدرة البنك المركزي الأوروبي على تدارك كل هذه الأزمات، وهل سيظل الإتحاد الأوروبي يدفع ثمن إنعكاسات العقوبات المفروضة على روسيا من حصار وطاقة. لا شك بأن 2023 هي سنة مفصلية لإستمرارية ما يسمى الإتحاد الأوروبي ووجود عملة اليورو ككل.

       

العودة الى الصفحة الرئيسية

جميع اخبار الاسواق المالية